حمّالي البوكّا: حماة البيئة

شمال المراكز المدنية الصاخبة في اليابان تقع حديقة أوزي الوطنية وهي أرض رطبة نادرة وغير ملوثة، تحيط بها قمم جبلية شامخة. وغالبًا ما يشاد بها باعتبارها مهد الحفاظ على الطبيعة في اليابان، إذ تمتد عبر أربع محافظات، ولا يمكن الوصول إليها إلا سيرًا على الأقدام وهو نهج مقصود لحماية نظامها البيئي الجبلي الهش

حديقة أوزي الوطنية

طبيعة بلا ضجيج

ما يميز أوزي عن غيرها هو غياب تام للمركبات وحتى لحيوانات الحمل. هذا القيد الصارم يحافظ على البيئة للأجيال القادمة، لكنه يثير سؤالًا مهما: كيف تحصل النُزل الجبلية النائية على احتياجاتها اليومية؟

هنا يأتي دور حمّالي بوكّا ،الشريان الخفي لحياة أوزي. توظفهم النزل الخاصة، وهم حمّالون محترفون ينقلون أحمالًا تتراوح عادة بين 75 إلى أكثر من 100 كيلوجرام، محمولة على ظهورهم باستخدام هياكل خشبية تقليدية شبيهة بالسلالم. ويتطلب عملهم قوة بدنية هائلة وتوازنًا وقدرة على التحمّل، إذ يعبرون مسارات شديدة الانحدار وممرات خشبية مرتفعة


ولماذا لا تستخدم المروحيات أو الطائرات المسيّرة؟

تُستخدم المروحيات أحيانًا لنقل المواد غير القابلة للتلف مثل الأخشاب، لكن تكلفتها العالية وتأثرها بالظروف الجوية يجعل استخدامها غير موثوق

أما المواد الطازجة والوقود واللوازم اليومية فلا بد أن تصل باستمرار، أي سيرًا على الأقدام

بالنسبة للعديد من حمّالي بوكّا، هذا العمل ليس مجرد مهنة، بل رسالة. فهو يجمع بين قوة التحمل البدنية الهائلة وإحساس عميق بالمسؤولية تجاه حماية البيئة

وقد وصل تأثيرهم حتى إلى الثقافة الشعبية: ففي لعبة الفيديو "ديث ستراندينغ"، يتنقل اللاعبون سيرًا على الأقدام عبر تضاريس وعرة لتوصيل شحنات حيوية في إشارة واضحة إلى عزيمة حمّالي بوكّا وأهمية دورهم

الخاتمة

ومن خلال تكريم هؤلاء الأبطال الصامتين، نتذكّر أن الحفاظ على الطبيعة لا يعتمد دائمًا على المبادرات الكبرى، بل على عزيمة أفراد قليلين يحملون أكثر من مجرد أوزان إنهم يحملون إرثًا

Husain Asad حسين أسد
Content Researcher باحث محتوى
Visual Designer مصمم مرئي
Previous
Previous

مقارنة بين رأس السنة اليابانية والتقاليد الإسلامية

Next
Next

تجربة تصميم درع ساموراي